للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطاب موجهًا لمن يتأتى خطابه، لقوله: {لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}.

وقوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: متعلق بـ {قَاتِلْ}.

قوله: {لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} في هذه الآية إشكال من حيث الإعراب، وهو نصب {نَفْسَكَ} والقاعدة الرفع على أنها نائب فاعل، هذا ما يتبادر إلى ذهن بعض الناس، لكن الواقع أن الأمر ليس كذلك؛ لأن قوله: {لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} نائب الفاعل مستتر، يعني: لا تكلف أنت أحدًا إلا نفسك، يعني: لا نكلف أحدًا من الناس، بل نكلفك نفسك، وعلى هذا فتكون نفس هنا في مقام المفعول الثاني لنكلف، والمفعول الأول هو نائب الفاعل المستتر.

قوله: {وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}: أي: حثهم على القتال.

قوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: "بأسهم" أي: شدتهم، و {عَسَى} إذا جاءت من الله عزّ وجل فليست للترجي؛ لأن الله تعالى لا يترجى، إذ إن الرجاء في مقابل الشيء الصعب، والله على كل شيء قدير، ولهذا قيل: عسى من الله في القرآن واجبة؛ أي: واقعة حتمًا، ولكن الله عزّ وجل يجعلها على هذه الصيغة حتى لا يأمن الإنسان مكر الله عزّ وجل.

ومعنى الآية: يقول الله عزّ وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام، قاتل في سبيل الله حتى وإن لم يقاتل معك أحد، لا تكلف إلا نفسك، أما وظيفتك مع المؤمنين فهي وظيفة التحريض، فحرضهم على القتال، لكنك غير مكلف بهم، لا تأثم إذا لم يقاتلوا. ثم إذا قاتلت وحرضت المؤمنين وقاتلوا فحينئذٍ يكون النصر، ويكف الله سبحانه بأس الذين كفروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>