للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} إن تحسنوا فيما بينكم بفعل المطلوب، وتتقوا بترك المحظور، {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}، وسيجازيكم على الإحسان وعلى ما اتقيتموه.

والإحسان والتقوى والبر وما أشبه ذلك إذا أفرد أحدهما عن الآخر شمل الآخر، وإن اقترنا فسر كل منهما بما يليق به.

فقوله هنا: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا} الإحسان بفعل الأوامر، والتقوى بترك النواهي، أما إذا أفرد الإحسان فإنه يشمل فعل الأوامر وترك النواهي، وكذلك التقوى إذا أفردت فإنها تشمل هذا وهذا.

وهذا يوجد كثيرًا في القرآن الكريم، المسكين والفقير إذا أفرد أحدهما عن الآخر صار أحدهما شاملًا للآخر، وإن قرنا صار الفقير له معنى، والمسكين له معنى، فهما مما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.

فقوله: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا} الإحسان يكون في عبادة الله، ويكون في معاملة عباد الله، يجمع الأول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عليه السلام: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١) فهذا الإحسان.

أما في المعاملة: فما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه الصلاة والسلام في قوله: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه" (٢)


(١) تقدم (١/ ٤٣١).
(٢) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول =

<<  <  ج: ص:  >  >>