للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطلبا طرفًا ثالثًا فهل عليهما جناح؟ الجواب: لا، ليس عليهما جناح، وتأمل الفرق بين نشوز الزوج عن الزوجة ونشوز الزوجة عن الزوج، ليتبين لك الحكم إن شاء الله تعالى.

قوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} هذه جملة عامة في كل شيء، في حقوق الزوجة، وحقوق الرحم، وحقوق المصاهرة، وحقوق الجوار، وحقوق المعاملة، فالصلح خير في كل شيء، وهنا لم يقل: الصلح بينهما؛ لإفادة العموم، يعني: أن الصلح في كل شيء خير من عدمه، ومن المعلوم أن الصلح قد يتصور الإنسان أن فيه غضاضة عليه، فلهذا قال: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} يعني: أنه عند النزاع وطلب المصالحة تكون الأنفس شحيحة، كل نفس تريد أن يكون الصلح في جانبها وفي مصلحتها، وكأن الله يقول: دعوا هذا الشح الذي أحضرته الأنفس واطلبوا الخير في المصالحة.

ولهذا نجد أنه إذا تعقدت الأمور بين شخصين، وأردنا أن نصلح بينهما فإن كل واحد منهما يركب رأسه، ويأبى أن يتنازل إلا بعد جهد جهيد.

وفي قوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} الشح منصوبة، وما قبلها مرفوع لأن الأنفس نائب فاعل، والشح مفعول ثانٍ.

والسبب في قوله: "أحضرت" مع أنها أحضرها الله؛ لأن الله تعالى إذا أضاف إلى نفسه الشيء المذمومِ يأتي بصيغة اسم المفعول، وانظر إلى قول الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠)} [الجن: ١٠]، قال: {أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ} تأدبًا مع الله عزّ وجل، ومعلوم أنه شيء يريده الله عزّ وجل، وفي الرشد قال: {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} فأضافوه إلى الله؛ لأنه خير، فلما كان الشح أمرًا مذمومًا فالأنفس نائب فاعل، قائم مقام المفعول الأول، والشح هو المفعول الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>