للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه ينبغي للإنسان أيضًا - ونسأل الله أن يعيننا على ذلك - إذا عمل العمل الصالح أن لا يستعجل ثواب الدنيا، فيكون مريدًا في الدنيا، يعني: مثلًا: من آمن وعمل صالحًا فقد قال الله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: ٩٧] فلو عملت لأجل أن يحييك الله حياة طيبة فهذا لا شك أنه خير، لكن خيرًا من ذلك أن تنوي ثواب الآخرة، وسيأتيك ثواب الدنيا.

فإن أردت ثواب الدنيا والآخرة فلا بأس؛ لأن الله لم يذكر لنا ثواب الدنيا عبثًا، ولكن لتنشط الهمم وتنبعث النفوس، وإلا لكان كل ثواب ذكره الله في الدنيا يعتبر عبثًا ولغوًا، فلا حرج على الإنسان أن ينوي ثواب الدنيا والآخرة، لكن من ينوي ثواب الدنيا فقط فهذا لا شك أنه ناقص الإخلاص.

١٢ - عظم ثواب من فعل ذلك ابتغاء وجه الله، لقوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}؛ لأن تعظيم الشيء من العظيم يدل على عظمته.

١٣ - بيان فضل الله عزّ وجل على عباده، حيث سمى ثوابهم على العمل أجرًا، بمنزلة أجرة الأجير التي لا بد أن يُعطاها؛ لأنه هو مستحق لها، وهذا من نعمة الله أن يسمي الثواب الذي جعله على العمل أجرًا، بمنزلة أجرة الأجير اللازمة، مع أن الله هو الذي منَّ بالعمل، وهو الذي منَّ بالثواب، وبهذا يزول الإشكال في مثل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [البقرة: ٢٤٥] فهذه الآية من المتشابه اتبعها من اتبعها من اليهود، وقالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران: ١٨١] والدليل على أنه فقير أنه طلب القرض فقال: {مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>