للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانياً: قوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ} أي: سيجمعهم، وذلك يوم القيامة، فإن الله سبحانه يجمع الأولين والآخرين في مكان واحد، لا بناء، ولا جبال، ولا أشجار، ولا هضاب، ولا رمال، في مكان واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر؛ لأنهم على أرض مسطحة تمد مد الأديم، كما قال الله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣)} [الإنشقاق: ١ - ٣] وهي الآن مبسوطة وليست ممدودة، وهي الآن أيضًا مطوية، كما قال تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: ٥] , لكن إذا كان يوم القيامة صارت ممدودة: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وكما جاء في الحديث: "تمد مد الأديم" (١) أي: مد الجلد، ولهذا يسمعهم الداعي إذا دعى أولهم سمع آخرهم؛ لأنه ليس هناك انحناء، أو جبال، أو أشجار يمنع وصول الصوت، وأيضًا ينفذهم البصر، فيراهم الرائي كلهم؛ لأنه ليس هناك انحناء حتى يغيب بعضهم عن البصر، بل يُشاهدون جميعًا، فكل الخلائق يجمعون يوم القيامة جميعًا في هذا الصعيد، كما قال الله تعالى ردًا على الذين قالوا: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧)} [الصافات: ١٦، ١٧] قال الله عزّ وجل: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)} [الواقعة: ٤٩, ٥٠] فالأولون والآخرون كلهم يجمعون في هذا المكان.


(١) رواه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب فتنة الدجال وخروج عيسى ... ، حديث رقم (٤٠٨١)؛ وأحمد (١/ ٣٧٥)؛ والحاكم (٢/ ٤١٦) عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>