للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَسْتَكْبِرْ} يتعلا ويترفع، ويأبى أن يخضع للأوامر والنواهي.

قوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} أي: المستنكف المستكبر، والمتعبد المتذلل، كلهم سيحشرهم إليه، وعلى هذا فالضمير في قوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ} يعود على الجميع.

وهنا مباحث:

أولًا: قوله: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ} روعي في فعل الشرط لفظ الشرط؛ لأن "مَن" لفظ مفرد، و {يَسْتَنْكِفْ} فاعله مفرد، والجواب قوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ} روعي فيه المعنى، وأيضًا روعي فيه المعنى بالمعنى الأعم؛ لأن قوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ} يشمل المستنكف وغير المستنكف، وعلى هذا فيكون فيه عموم أوسع.

فإذا قال قائل: فهل يجوز في اللغة العربية أن يتعدد مرجع الضمير، فمرة يعود بالإفراد ومرة يعود بالجمع؟ قلنا: نعم، هذا موجود في اللغة العربية، بشرط أن يكون مرجع الضمير صالحًا للإفراد والجمع، فإذا كان صالحًا للإفراد والجمع جاز أن يعود الضمير عليه بالإفراد، وأن يعود عليه بالجمع، وأن يتنوع، قال الله تعالى في آخر سورة الطلاق: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: ١١] ففي الآية هنا عاد الضمير أولًا باعتبار اللفظ، ثم باعتبار المعنى، ثم باعتبار اللفظ.

والحكمة من ذلك التنبيه على أن مثل هذه الكلمات للعموم، يعني: أن {مَنْ} سواء كانت شرطية أو موصولة تأتي للعموم، ونستفيد من كون الذي يرجع إليها مرة يكون بالإفراد، ومرة يكون بالجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>