للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} [مريم: ٩٣] ففرعون مستكبر، لكن قدريًا لا يمكن أن يستكبر، أما الإستكبار عن الأمر الشرعي فهذا كثير.

فقوله: {أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} أي: عبودية شرعية.

وقوله: {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} يعني: ولن يستنكف الملائكة المقربون، والملائكة هم: عالم غيبي خلقهم الله من نور، وجعل غذاءهم التسبيح، ولهذا كانوا صمدًا لا يأكلون ولا يشربون.

وقوله: {الْمُقَرَّبُونَ} هل هي صفة كاشفة أو صفة قيد؟ الجواب: يحتمل أن تكون صفة كاشفة؛ لأن الملائكة مقربون إلى الله عزّ وجل، ويحتمل أن تكون قيدًا، وعلى هذا الإحتمال يكون الملائكة فيهم المقربون وفيهم من ليس بمقرب. فالله أعلم.

فإن قال قائل: ما المناسبة في ذكر الملائكة عند ذكر عيسى؟ قلنا: المناسبة أن من الناس من جعل الملائكة أولادًا لله، كما أن منهم من جعل المسيح ابنًا لله عزّ وجل، فهذه هي المناسبة، يعني: حتى الملائكة الذين اتخذتموهم أولادًا لله لن يستنكفوا أن يكونوا عبادًا لله.

ثم قال: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا}.

قوله: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ} الجملة هنا شرطية، و"مَن" أداة شرط، وقوله: {يَسْتَنْكِفْ} فعل الشرط، وجواب الشرط قوله: {فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} وقرن بالفاء لأنه صدر بالسين، وإذا صدر الجواب بالسين وسوف فإنه يتعين أن يربط بالفاء.

وقوله: {يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ} يستنكف عن عبادته شرعًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>