للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه شيء عظيم، والكذب على الله يشمل الكذب عليه في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله، وفي أحكامه، وإن شئت فقل: في أحكامه الكونية والشرعية، فالكذب على الله في ذاته مثل أن يتحدث الشخص عن ذات الله عزّ وجل، فأي إنسان يتحدث عن ذات الله بغير علم فهو كاذب على الله.

والكذب على الله في أسمائه: مثلما فعل المعطلة في قولهم: إن أسماء الله مجرد أعلام لا معنى لها، فيقول: الغفور الرحيم السميع البصير العزيز الحكيم، ليس لها معنى، وما هي إلا مجرد أعلام تدل على المسمى بها ولا تحمل أي معنى، فهذا كذب على الله، كيف تقولون: إنها مجرد أعلام والله عزّ وجل يقول في القرآن إنه {لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣]، ومقتضى هذا اللسان العربي المبين أن اسم الفاعل يدل على أصل المعنى، وثبوت أصله، ولا يمكن أن يقال لمن لم يضرب إنه ضارب، ولا لمن لم يسمع إنه سميع.

ثم إن الله قد بين أن هذا المعنى مقصود في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: ١]، {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف: ٨٠] وأمثال ذلك.

فهؤلاء الذين قالوا: إن الله أراد بأسمائه مجرد التسمية دون المعنى مفترون على الله الكذب.

وكذلك في صفاته: فمن حرف في صفات الله، وقال: المراد بالإستواء الإستيلاء، فهذا مفتر على الله الكذب، فالله عزّ وجل يقول عن نفسه: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]،

<<  <  ج: ص:  >  >>