للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يصح أن يقال: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} "أُحق ذلك حقًا"، وذلك لأنها مؤكدة لمضمون الجملة، فكانت مضمون الجملة كأنها الفعل المحذوف، ولا يجمع بين هذا وهذا.

ولهذا ذكره ابن مالك وغيره من العلماء: أن المصدر المؤكد لمضمون الجملة قبله يجب حذف عامله.

قوله: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}، {وَأَعْتَدْنَا} أي: هيأنا، فهي بمعنى: أعددنا، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١)} [آل عمران: ١٣١] وهنا قال: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ} وفي هذا السياق {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ} خروج عن مقتضى السياق، إذ مقتضى السياق أن يقال: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا} لهم؛ لأنه متى أمكن الإتيان بالضمير فإنه لا يؤتى بغيره، فإن ذكر الضمير أوضح في الجملة وأخصر، لكن هنا عدل عن الإتيان بالضمير إلى الإتيان بالظاهر المطابق لوصفه، فما هي البلاغة في هذا؟

الجواب: البلاغة: أن هذا إظهار في مقام الإضمار، والإظهار في مقام الإضمار له فوائد وهي: إرادة العموم؛ لأنه إذا قال: "أعتدنا لهم عذابًا مهينًا"، صار هذا خاصًا بهم، لكن قوله: {أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ} فكل كافر سواء هؤلاء أو غيرهم.

الفائدة الثانية: تطبيق الوصف على مرجع الضمير الذي لولا هذا الظاهر لكان موجودًا، فأين مرجع الضمير لو كان هناك ضمير؟

الجواب: هؤلاء الذين قالوا: {نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ}، ومثل ذلك قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>