تعالى: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (٤٠)} [الشعراء: ٤٠] ولم يقل: "هم الغالبون" فدل هذا على أن مثل هذا التركيب تكون فيه "هُم" ضمير فصل لا محل له من الإعراب.
الثاني: أننا إذا قلنا: إن "هم" ضمير فصل لا محل له من الإعراب؛ صرنا لا نفتقر إلى جملة تكون خبر المبتدأ، وصار المبتدأ والخبر جملة واحدة، والأصل في الأخبار أنها مفرد لا جملة، إذًا قوله:{هُمُ} ضمير فصل، وضمير الفصل يفيد ثلاثة أشياء:
أولًا: التوكيد.
ثانيًا: الحصر.
ثالثًا: التمييز بين الخبر وبين التابع؛ لأنه إذا جاء ضمير الفصل تعين أن ما بعده خبر، وإذا لم يأت احتمل أن يكون خبرًا وأن يكون تابعًا، فإذا قلت:"زيد الفاضل في الدرس" فهنا يحتمل أن "الفاضل" صفة، فيكون المعنى: زيد الفاضل في الدرس حاضر، فإذا قلت:"زيد هو الفاضل في الدرس" تعين أن تكون خبرًا، وحصرته في الفضل، فقلت: زيد هو الفاضل ومحله في الدرس.
وقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}، {حَقًّا} هذه منصوبة، وإعرابها مصدر مؤكد لمضمون الجملة، ومضمون الجملة قوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} فأثبت الله لهم أنهم الكفار حقًا، فتأتي {حَقًّا} مؤكدة لمضمون الجملة، وذلك لأن أحقية هؤلاء للكفر مفهومة من قوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} فإذا جاءت {حَقًّا} صارت مؤكدة لمضمون الجملة، وصار عاملها محذوفًا وجوبًا،