قوله:{وَرُسُلِهِ}، كذلك جحد ما يجب نحوهم، فهذا الكفر بالرسل.
قوله:{وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} فالذين لا يؤمنون بالرسل يكفرون بالله عزّ وجل، والذين يكفرون ببعض الرسل يكفرون بجميعهم عليهم السلام.
وقوله:{وَيُرِيدُونَ} أي: يهمهم أن يفرقوا بين الله ورسله، فيؤمنون بالله ويكفرون بالرسل، أو يؤمنون بالرسل بعضهم دون بعض، كما قال:{وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} وهذا كثير، فمثلًا: النصارى يدعون أنهم يؤمنون بالله، ويدعون بأنهم يؤمنون بعيسى وموسى عليهما السلام ومن سبقهما، هكذا يقولون، لكن يكفرون بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو أفضل الرسل، ففرقوا بين الله ورسله، وآمنوا بالله وكفروا بالرسل، وفرقوا كذلك بين الرسل، فآمنوا ببعضهم وكفروا ببعضهم.
قوله:{وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} أي: طريقًا يوصلهم إلى الله، فيظنون أنهم بهذا العمل سلكوا طريقًا حسنًا يوصلهم إلى الله عزّ وجل، ولكنهم كما قال الله تعالى: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} [الكهف: ١٠٤، ١٠٥].
فإن قال قائل: أفلا يجوز أن تكون مبتدأ ثانيًا و {الْكَافِرُونَ} خبر المبتدأ، والجملة خبر المبتدأ الأول؟ قلنا: هذا جائز، لكنه خلاف الأولى؛ لأن ظاهر القرآن أن ما بعده خبر ما قبله، قال الله