للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسوة إذا أظهر ما عنده من خير تأسى به الناس، وفعلوا فعله فهذا طيب، سواء كان ذلك على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص، بأن يتصدق على شخص معين حتى يراه الناس أنه تصدق عليه، فيقتدوا به؛ لأن كثيرًا من الناس لا يتصدق على أحد إلا إذا علم أن الجهة الفلانية تصدقت عليه، كجمعية البر الخيرية مثلًا.

إذًا نقول: الإبداء والإخفاء يرجع إلى المصلحة، فإن لم تظهر المصلحة الراجحة في الإبداء فالإخفاء أفضل، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن يظلهم الله في ظله: "ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" (١).

٢ - أن الإحسان إلى الغير إما بإعطاء الخير ظاهرًا أو خفيًا، وإما بدفع السوء وذلك بالعفو عنه، لقوله: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} فالعفو عن السوء خير، فيستفاد من ذلك فضيلة العفو عن السوء.

ولكن لا نقول: إن العفو أفضل مطلقًا، بل تبع المصلحة، ولهذا قيد الله العفو في مكان آخر بقوله: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] فإذا كان في العفو إصلاح فهو أفضل، وإن كان في العفو إفساد فالإنتصار أفضل، فمثلًا لو كان هذا الرجل شريرًا، فلو عفونا عنه لازداد في شره واعتدائه على الناس، فهنا الإنتصار أفضل، أولًا: لإعطاء النفس حظها؛ لأن النفس تحب أن تنتصر ولا شك.


(١) رواه البخاري، كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، حديث رقم (٦٢٩)؛ ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، حديث رقم (١٠٣١) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>