للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيًا: لكف شره عن الناس، فيكون هنا الإنتصار أفضل، وأما إذا تساوى الأمران فلا شك أن العفو أفضل، أولًا: لما فيه من الإحسان إلى المسيء.

وثالثًا: أن الله تعالى يحب العافين عن الناس.

٣ - الإشارة إلى أنك إذا عفوت عن الخلق عفوًا في محله فأبشر بعفو الله، لقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} يعني: فمتى عفوتم عفا الله عنكم، وهذا له شواهد كثيرة في الشريعة، منها قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" (١)، ومنها: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" (٢)، ومنها: "الجزاء من جنس العمل" (٣)، والشواهد على هذا كثيرة.

٤ - فضل الله سبحانه بالعفو عن حقه، حتى إنه جل وعلا يغفر لمن لا يشرك به شيئًا، تفضلًا؛ لأن الله قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] حتى وإن عظمت الذنوب فإن الله تعالى يغفرها إن شاء، فضلًا منه.

٥ - أن عفو الله تعالى أكمل أنواع العفو؛ لأنه عفو مع القدرة، لقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}، ويتولد من الجمع بين


(١) رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والإستغفار، باب فضل الإجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، حديث رقم (٢٦٩٩).
(٢) رواه البخاري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، حديث رقم (٢٣١٠)؛ ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، حديث رقم (٢٥٨٠) عن ابن عمر.
(٣) لم يرد هكذا, ولكن معناه صحيح ففي التنزيل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان. انظر: الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>