للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلته التوبة فقد يكون الإنسان بعدها خيرًا منه قبلها، فهذا آدم عليه الصلاة والسلام كان من الأنبياء فأذنب فصارت منزلته وحاله بعد الذنب أكمل منها قبل الذنب؛ لأن الله تعالى قال: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢١ - ١٢٢]، نعم النبي عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يُقر على ذنب، بخلاف غيره، بمعنى: أنه إذا أذنب فلا بد أن يستغفر بتنبيه الله له أو بتنبهه هو، أما غيره فليست له هذه الميزة، وهذا يظهر به الفرق بين الأنبياء وغيرهم.

٣ - إثبات هذين الإسمين من أسماء الله وهما: الغفور، والرحيم، فبالغفور زوال المكروه؛ أي: زوال آثام الذنوب، وبالرحمة حصول المطلوب؛ أي: أن الله ييسر للإنسان ما تكون به رحمة الله له.

٤ - استنبط بعض العلماء: أنه ينبغي لمن استفتي أن يقدم بين يدي فتواه الإستغفار؛ لأن الله قال: {لِتَحْكُمَ} [لنساء: ١٠٥] ثم قال: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}؛ ولأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين معرفة الصواب، كما قال تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} [المطففين: ١٣ - ١٤]، فهم لم يقولوا: إن القرآن أساطير الأولين إلا لأنه حيل بينهم وبين معرفة حقيقته بسبب ذنوبهم، التي رانت على قلوبهم، وهذا القول وجيه، فعلى الإنسان إذا أراد أن يفتي أن يقدم بين يدي فتواه الإستغفار، لا سيما إذا التبست عليه المسألة، أو اشتبه عليه الحكم، فهو يدعو بذلك، وكذلك يدعو بقوله: "اللهم اهدني

<<  <  ج: ص:  >  >>