للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قال تعالى: {يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩] ولكن عدلوا عن هذا القول الذي هو خير؛ لأن الله لعنهم بكفرهم.

ولذلك قال: {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ}؛ أي: طردهم وأبعدهم عن رحمته بسبب كفرهم، فهم الجناة على أنفسهم، والرب عزّ وجل لم يمنع عنهم فضله، ولكنهم هم الذين تسببوا لذلك فكفروا.

وقوله: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} يعني: هؤلاء الذين قالوا ما قالوا لا يؤمنون إلا قليلًا، وكلمة {قَلِيلًا} قال بعض المفسرين: إنها صالحة أن تعود إلى الإيمان وأن تعود إلى الواو في قوله "يؤمنون"، والفرق بينهما:

أننا إذا قلنا: إنها عائدة إلى الإيمان صار المعنى فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلًا، وإذا قلنا إنها عائدة إلى الواو صار المعنى فلا يؤمنون إلا قليلًا منهم، فالكافر منهم كافر لا إيمان معه، والمؤمن قليل، ورجح بعضهم الأول، وقال: إننا إذا قلنا لا يؤمنون إلا قليلًا منهم لم يستقم الكلام؛ لأن الكلام كله قد سيق لبيان وصف هؤلاء، ولكن يبقى على هذا الترجيح أن يسأل: ما هذا الإيمان القليل وهم يقولون: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}؟

قالوا: إن القليل يأتي بمعنى العدم؛ أي: فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلًا لا ينفعهم فيكون بمنزلة العدم؛ لأن ما لا نفع فيه كالمعدوم تمامًا.

وبعض العلماء أنكر أن يكون الإستثناء من الضمير في قوله: {لا يُؤْمِنُونَ} إنكارًا بينًا، ولكن الذي يظهر لي أن الآية محتملة، وأن منهم قومًا يؤمنون، وهؤلاء الذي يؤمنون قد يفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>