لكن اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، على القاعدة التصريفية.
أما كون هذا ليًا بألسنتهم فظاهر، ولكن قوله:{وطَعْنًا فِي الدِّينِ} كيف كان طعنًا في الدين؟
الجواب: نقول: إنما قالوا: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} لأنهم لم يرتضوا هذا الدين، وعدم ارتضاء الدين مستلزم للطعن في الدين؛ أي: عيبه مستلزم عيب الدين والقدح فيه، وذلك لأن من ارتضى شيئًا لا يمكن أن يقول إذا أمر به:{سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}.
وأيضًا: إذا قالوا: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} فهذا طعن في الدين؛ لأنه طعن في الرسول الذي جاء بالدين، والطعن في الرسول طعن بما أرسل به.
وكذلك قولهم:{وَرَاعِنَا} إذا كان من الرعونة، فهي أيضًا طعن في الدين، فصار الطعن في الدين في كل الكلمات السابقة:
الأولى:{سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}.
والثانية:{وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ}.
والثالثة:{رَاعِنَا}.
فكل هذا طعن في الدين، ولهذا قال الله عزّ وجل:{وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} بدل قولهم: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}، وقالوا:{وَاسْمَعْ} وحذفوا {غَيْرَ مُسْمَعٍ}، وقالوا:"وانظرنا" بدل {رَاعِنَا}؛ لأن هذه هي الكلمة التي أمر الله المؤمنين أن يقولوها بدلًا عن قولهم:{رَاعِنَا}، لو أنهم قالوا هكذا {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ}، والخيرية تشمل خيرية الدين والدنيا، وخيرية الجزاء في الآخرة، {وَأَقْوَمَ}؛ أي: في دينهم وفي حياتهم؛ لأن هذا القرآن