للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسمع ما تكره، هذا في الأول، والثاني غير مسمع ما يسرك، نقول: هذا يحتاج إلى دليل لأن فيه حذفًا، والمعنى الأول يكفي في خزيهم - والعياذ بالله - أن يقولوا للرسول: اسمع لا أسمعك الله.

وقوله: {وَرَاعِنَا} الذي ترد على سمعه هذه الكلمة يظن أنها فعل أمر متصل به ضمير مفعول، وفاعله مستتر وجوبًا تقديره أنت؛ أي: راعنا أنت، من الرعاية أو من المراعاة، وكلاهما معنى حسن، لكن هم لا يريدون لا الرعاية ولا المراعاة، وإنما يريدون الرعونة، وهي الجبن والخور وما أشبه ذلك.

وهي كلمة عند اليهود في اللغة السريانية العبرية، فيقولون: راعنا أي: أصابك الله بالرعونة، ولهذا نهى الله المؤمنين عن أن يقولوا هذه الكلمة؛ لأن اليهود يقولونها يريدون بها سوءًا، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: ١٠٤].

قوله: {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} أي: يقولون هذا الكلام {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} حيث يظهرون معنى صحيحًا مقبولًا، وهم لا يريدون المعنى الصحيح، فـ {غَيْرَ مُسْمَعٍ} يحتمل غير مسمع ما يسوؤك كما سبق، {وَرَاعِنَا} يحتمل أنه من المراعاة أو من الرعاية، وهم يريدون عكس ذلك، فيريدون الدعاء عليه أن لا يسمع، ويريدون الدعاء عليه بالرعونة، وهذا لي باللسان.

ومعنى اللي باللسان أن يريد باللفظ خلاف معناه الظاهر منه؛ لأنه تكلم لكن لوى هذا اللفظ إلى معنى آخر غير الذي يفهم من اللفظ، ولهذا قال: {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ}، وأصل {لَيًّا} "لويًا"،

<<  <  ج: ص:  >  >>