للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رحمتنا ونوقع بهم من النكال ما وقع لأصحاب السبت، والذي وقع لأصحاب السبت هو أنهم قيل لهم: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥] فكانوا قردة خاسئة ذليلة تتعاوى، والعياذ بالله.

والفرق بين التهديدين: أن الأول حسي خاص بجزء من البدن وهو الوجه، أما الثاني فهو عام يقلب الصورة كاملة والعياذ بالله إلى صورة قرد.

ويُذكر أن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - لما سمع بهذه الآية أقبل مسرعًا ويده على وجهه يخشى أن يطمس، حتى جاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وآمن به، وكذلك يذكر عن كعب الأحبار في عهد عمر - رضي الله عنه -، والله أعلم، ولكن لا شك بأن المؤمنين منهم سوف يخافون هذا الأمر.

فإن قال قائل: إنهم لم يؤمنوا ولم يقع بهم هذا التهديد، فما الجواب؟

فالجواب: أنه لما آمن بعضهم ارتفع هذا التهديد؛ لأن هذا التهديد معلق بما إذا لم يؤمن أحد منهم، وقيل: إن الله عزّ وجل هددهم بهذا، والتهديد قائم إلى يوم القيامة، فإذا قدر أنه لم يقع فيما مضى فإنه متوقع؛ لأن الله سبحانه هددهم به فقال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ}.

والوجه الأول قد يكون أقرب؛ لأن تهديد أهل الكتاب الذين في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام بأمر لا يكون إلا قبيل قيام الساعة لا معنى له، ولا وجه له، فيقال: إنه لما آمن بعضهم رفع عنهم هذا التهديد، وقامت الحجة على الباقين، حيث آمن من كان منهم واعترف بالحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>