للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإنجيل، كما قال تعالى: {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: ١٥٧].

قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ}: هذا تحذير وتهديد لهم إذا تأخروا عن الإيمان أن يحصل لهم هذا.

وقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}: هذا الطمس اختلف العلماء فيه، فقيل: إنه طمس معنوي بحيث لا ترى الحق، ولا تسمعه، ولا تنتفع به، ويردها الله على أعقابها فتهوي في الكفر.

وقيل: بل هو طمس حسي، وذلك بأن تطمس الوجوه حتى تكون كخف البعير ليس فيها عين ولا أنف ولا شفة ولا حاجب، بل هي كالقفا تمامًا، فكما أن قفا الرأس ليس فيه شيء من ذلك، فهذه أيضًا تطمس حتى تكون وجوههم كأقفائهم، ثم بعد ذلك: ترد على الأدبار.

وقيل المراد بالطمس: طمس حسي، ولكن هو أن تلوى الأعناق وتكون الوجوه من الخلف، وهذا معنى قوله: {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} والقاعدة التفسيرية: أنه إذا كانت الآية تحتمل وجهين لا يناقض أحدهما الآخر فإنها تحمل على الوجهين جميعًا؛ لأن كلام الله معناه واسع، فإذا كان اللفظ يحتمل هذا وهذا، وليس بينهما مناقضة، فالواجب حمله على الوجهين، فهنا نقول: إن الله تعالى هددهم بالطمس الحسي والطمس المعنوي.

قوله: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} أي: نطردهم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>