النداء في قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} المراد به اليهود إرادة أولية، وكذلك النصارى لأنهم أوتوا الكتاب، والكتاب الذي أوتيه اليهود هو التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام، كتبها بيده سبحانه، وأنزلها على موسى عليه السلام، أما الكتاب الذي نزل على عيسى عليه السلام فهو الإنجيل.
قوله:{آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} وهو القرآن وقال: {نَزَّلْنَا} لأنه نزل شيئًا فشيئًا حسب ما تقضيه حكمة الله عزّ وجل.
قال العلماء: والفرق بين نزَّلنا وأنزلنا، أن {نَزَّلْنَا} إذا اجتمعت مع "أنزلنا" صار المراد بها التفريق، قال الله تبارك وتعالى:{وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}[النساء: ١٣٦] وقال تعالى {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦)} [الإسراء: ١٠٦]، فالقرآن منزل تنزيلًا على حسب ما تقتضيه حكمة الله، إما أن تكون واقعة يتحدث الله عنها، أو مشكلة يفتي الله تعالى بها، أو غير ذلك.
وقوله:{مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} أي: للذي معكم، والذي معهم هو التوراة بالنسبة لليهود، والإنجيل بالنسبة للنصارى، والتصديق له وجهان:
الوجه الأول: أنه مصدق لها؛ أي: شاهد بما جاءت به وأنه حق، والقرآن مملوء من ذلك؛ أي: من أن الكتب السابقة المنزلة على الرسل كلها حق.
والوجه الثاني: أنه مصدق لها، حيث جاء على وفق ما أخبرت به؛ لأن هذا القرآن الكريم والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرا في التوراة