للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧] فهي من حدود النواهي، فالزنى مثلًا نقول: هو حد من حدود الله، فلا تقربه، والصلاة حد من حدود الله، فلا تتعده؛ أي: لا تتجاوزه.

والآية هنا من حدود الأوامر.

ثم قال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} هذه الجملة شرطية، واسم الشرط فيها {وَمَنْ}، وفعل الشرط {يُطِعِ}، وهو مجزوم بالسكون كما هو ظاهر، وأصل {يُطِعِ}: يطيع، لكنها حذفت الياء لالتقاء الساكنين؛ لأن العين استحقت السكون بالشرط، والياء ساكنة، وقد قال ابن مالك في الكافية:

إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق ... وإن يك لينًا فحذفه استحق

وقوله: "لينًا" أي: حرف من حروف اللين الثلاثة، وتنطبق الآية على الثاني، إلا في قوله: {يُطِعِ اللَّهَ} بكسر العين، فتكون على الأول.

إذًا: الآية جمعت بين الوجهين.

{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} قال العلماء: إن الطاعة هي موافقة الأمر، وتكون بفعل الأوامر، واجتناب النواهي، فتارك شرب الخمر امتثالًا لنهي الله عزّ وجل يقال: إنه مطيع، والمصلي يقال: إنه مطيع، وهذا إذا أفردت الطاعة، فإنها تشمل فعل الأوامر وترك النواهي، وأما إذا قرنت بالمعصية فقيل مثلًا: من أطاع الله، ومن عصى الله؛ كانت الطاعة في الأوامر خاصة، والمعصية في النواهي، والآية التي معنا من النوع الثاني، إذًا: المراد بها القيام بالأوامر.

<<  <  ج: ص:  >  >>