للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبيل الله، كما صد هؤلاء، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها" (١).

إذًا: صد الكفار لغيرهم يكون بالقول، ويكون بالفعل، يكون بالقول إذا كانوا دعاة إلى الكفر، وكلما رأوا شخصًا يريد الهداية ذهبوا إليه يصدونه، ويكون بالفعل إذا كانوا يفعلون، ولكن لا يدعون، إلا أن الناس إذا رأوهم اقتدوا بهم ولا سيما إذا كانوا من أشراف الناس ووجهائهم، وعادة الناس يتبعون وجهاء القوم.

وقوله: {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} السبيل بمعنى: الطريق، وأضافه الله إليه لأنه تبارك وتعالى هو الذي شرعه لعباده فأضيف إليه، واعلم أن السبيل والطريق والصراط تارة يضاف إلى الله، وتارة إلى غير الله، فيضاف إلى الله باعتبار أن الله هو الذي شرعه للعباد، ويضاف إلى غيره باعتبار السالكين، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: ١١٥] فأضاف السبيل إلى المؤمنين وهنا أضافه إلى الله، فيضاف إلى الله لأنه هو الذي شرعه؛ ولأنه يوصل إليه سبحانه، فمن سلكه وصل إلى الله عزّ وجل، كما تقول: سبيل مكة من هنا؛ لأنك إذا سلكته أوصلك إليها.

قوله: {قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا} الضلال بمعنى: التيه؛ أي: تاهوا عنه وقوله: {ضَلَالًا بَعِيدًا} وذلك لكفرهم وصدهم عن سبيل الله، ووُصف بأنه بعيد لأن هذا الضلال - والعياذ بالله - ضلال عن شيء بيَّن، فإن الحق منار وعلم يهتدي به كل ضال، فإذا ضل عنه أناس كان ضلالهم بعيدًا؛ لقوة الدليل.


(١) تقدم ص ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>