{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} قوله هنا: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} عام أريد به الخاص، والمراد بهم النصارى؛ لأن الله تعالى ذكر حال اليهود فيما سبق، من قوله:{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ}[النساء: ١٥٧] إلى آخره، وما قبلها أيضًا، ثم خاطب أهل الكتاب الذين هم النصارى، فقال:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} والغلو هو: الزيادة، في الشيء، وهذه الزيادة تُسمى غلوًا وتُسمى إفراطًا، وضدها: التفريط والتقصير.
وقوله:{لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} أي: فيما تدينون الله به، وذلك أنهم اعتقدوا أن المسيح هو الله، أو ثالث ثلاثة أو قالوا: إن المسيح وأمه إلهان، وقالوا: إن المسيح ابن الله، كل هذه الأقوال يرونها دينًا، فقال لهم الله تعالى:{لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} أي: فيما تدينون الله به.
وقوله:{وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} أي: ولا تقولوا على الله فيما تصفونه به إلا الحق؛ أي: الشيء الثابت المقبول عقلًا وفطرة ونقلًا، وضده الباطل، فمن قال: إن المسيح ابن الله، فقد قال على الله غير الحق، ومن قال: إن الله ثالث ثلاثة فقد قال على الله غير الحق، ومن قال: إن المسيح وأمه إلهان فقد قال على الله غير الحق.