في هذه الآية والتي بعدها التفصيل، والتفصيل بعد الإجمال من أساليب البلاغة، ومن المعلوم أن القرآن اشتمل على أعلى أنواع البلاغة.
قوله:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}"أَمَّا" هنا شرطية، وتفيد مع الشرط التفصيل، أما كونها شرطية فلأن لها جوابًا، وهو قوله:{فَيُوَفِّيهِمْ}، وأما كونها تفصيلية فلأنه فُصل فيها المؤمنون والذين استنكفوا واستكبروا.
وقوله:{آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} هذه تكرر الكلام عليها كثيرًا فلا حاجة إلى إعادة شرحها.
وقوله:{فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} أي: يعطيهم أجورهم وافية كاملة، وقد جاء في القرآن والسنة بيان كيف هذه الأجور، وأن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ولهذا قال:{وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} يعني: زائدًا على أجورهم، فإذا استحق الإنسان الحسنة فهي بعشرة أمثالها وتتضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
وقوله:{وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا} استنكفوا بقلوبهم، واستكبروا بجوارحهم عن عبادة الله.
قوله:{فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} أي: عذاب عقوبة وألم، فقوله:{أَلِيمًا} بمعنى: مؤلم، وكلمة:{عَذَابًا} من حيث الإعراب يسميها النحويون: مصدرًا؛ لأن المفعول المطلق هو: الذي لا يكون كالفعل أو كالعامل، أما إذا كان من العامل فإنه يسمى مصدرًا، والمصدر له عدة أغراض منها: التوكيد كما هنا: