للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي ينكح ما نكح آباؤه من النساء قد عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله.

٣ - حل من زنى بها أبوه، ويؤخذ هذا من قوله: {مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}، والزنا ليس نكاحًا، خلافًا للمشهور عند الحنابلة من أن موطوءة الأب ولو بزنا حرام على الإبن، فإن هذا لا دليل عليه، بل الدليل على خلافه في قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]، ولا يصح قياسه على النكاح؛ لأن النكاح عقد شرعي معتبر، والزنا سفاح بغيض إلى الله غير مشروع عند الله، فلا يصح قياسه عليه، وأغرب من ذلك أن بعضهم يقول: اللواط يجري مجرى النكاح، فلو لاط بالغلام حرمت عليه أم الغلام، وحرمت عليه بنت الغلام، وهذا لا شك أنه خطأ عظيم.

فالحاصل: أن الصواب في هذه المسألة أنها لا تحرم.

٤ - تحريم نكاح زوجات الآباء وإن لم يحصل وطء ولا خلوة، ووجه ذلك: صدق النكاح بمجرد العقد، فإن من عقد على امرأة صدق عليه أنه تزوجها.

٥ - أن الخطيئة المفعولة قبل العلم لا يلحق الفاعل إثمها، لقوله: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}، وهذه قاعدة شرعية: "أن الشرائع لا تلزم قبل العلم لا إيجابًا ولا تحريمًا"، كما قرر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله (١)، وعلى هذا فلو أن الإنسان أسلم في بادية بعيدة، ولم يعلم عن وجوب صوم رمضان، ثم علم بعد ذلك، فإننا لا نلزمه بقضاء ما ترك من الصوم؛ لأنه لم يبلغه وجوبه، فلم تقم عليه الحجة به، وكذلك الصلاة: فلو كان لا يصلي، أو


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٤/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>