للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - كمال هذه الأمة وشريعتها، لقوله: {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، فما من خير كانت عليه الأمم إلا ولهذه الأمة منه نصيب، وقد مثل النبي عليه الصلاة والسلام نفسه مع الأنبياء قبل بقصر مشيد، يعجب الناظرين، إلا أنهم إذا طافوا به قالوا: هذا القصر كامل إلا موضع هذه اللبنة، قال: "فأنا اللبنة، وأنا خاتم الأنبياء" (١)، تمم الله به مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، فكمل القصر - به عليه الصلاة والسلام -.

ويدل لذلك أيضًا قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣] فقال: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، إشادةً بهذه الأمة وأنها كملت فيها الفضائل التي لغيرها، وتسلية لها أيضًا؛ أي: لا تظنوا أن تكليفنا إياكم الصيام خاص بكم، بل لكم ولغيركم.

٥ - أن الله عزّ وجل يحب التوابين، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢]، ويتفرع على هذا: غاية الكرم من الله عزّ وجل، ووجهه: أن التوبة يعود نفعها علينا لا عليه، وهو يحبها لمصلحتنا، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أن الله يفرح بتوبة عبده، كما يفرح الرجل الذي أضل ناقته في أرض فلاة، فطلبها فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت قد أيس من الحياة فإذا بخطام ناقته فأخذ به


(١) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣٣٤٢)؛ ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، حديث رقم (٢٢٨٦) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>