للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفظًا أو تقديرًا، أما لفظًا فهو كثير، ومنه قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ} [الحجر: ٣٠] , وأما تقديرًا فيقدر له مضاف إليه مناسب للمقام، والمناسب في هذا: ولكل أحد من الذكور والإناث جعلنا موالي؛ أي: صيرنا.

وقوله: {مَوَالِيَ} جمع مولى، والمولى يطلق على عدة معان، والذي يعين المعنى السياق وقرائن الأحوال، فالسياق قرائن لفظية، والأحوال قرائن حالية تبين المراد، واللفظة الواحدة إذا تعددت معانيها تسمى عند أهل العلم بالمشترك، وقد انتقد بعض الناس - ولا سيما الزنادقة - اللغة العربية، وقال: إن اللغة العربية فقيرة بسبب الأسماء المشتركة، وإن العرب عجزوا عن أن يجعلوا لكل معنًى لفظًا مستقلًا.

وهذا القائل جائر في حكمه؛ لأنه إذا زعم أن الإشتراك في اللفظ إعواز في اللغة، وعجز عن إعطاء كل معنًى لفظًا خاصًا به؛ فإنه قد أغفل شيئًا آخر ضده، وهو: الترادف، فإن الترادف فيه إثراء للغة العربية وسعة للغة العربية، حيث تطلق كلمتان فأكثر على معنى واحد، فالإنسان العادل ينظر هذا وهذا.

ثم إن في الأسماء المشتركة دليلًا على فطنة العرب وذكائهم وحذقهم، حيث يفسرون كل لفظ بما يناسبه بالسياق، فالعين مثلًا تأتي في سياق ويراد بها شيء، وفي سياق آخر يراد بها شيءٌ آخر، فإذا دليل على أن العرب عندهم حذق وفطنة قوية، بحيث يتعين المعنى في اللفظة الواحدة ذات المعاني المتعددة بحسب السياق.

وهو أيضًا فتح بابٍ للتأمل والتفكر، فإن الإنسان يقف عند

<<  <  ج: ص:  >  >>