قائم، فلو قيل في غير القرآن: الرجال قائمون على النساء، لكان المعنى دون كلمة {قَوَّامُونَ}؛ لأن قوله:{قَوَّامُونَ} صيغة مبالغة تقتضي القوامة على النساء في كل حال، فالمراد بقوله:{قَوَّامُونَ} إما صيغة مبالغة أو نسبة، والمراد بالقيام هنا ليس هو القيام الذي هو الوقوف على الرجلين، ولكنه قيام الولاية، فمعنى {قَوَّامُونَ} أي: بالولاية والسلطة، فيحتمل أن تكون نسبة ويحتمل أن تكون مبالغة، ويحتمل المعنيين معًا، فالرجال قوامون على النساء، ولذلك تكون لهم الولاية والقضاء والإمارة وغير ذلك مما فيه سلطة دون النساء.
وقوله:{عَلَى النِّسَاءِ}، {النِّسَاءِ}: جمع نسوة، وإن شئت قل: جمع امرأة، لكنه من غير اللفظ؛ لأنه أحيانًا يجمع المعنى على غير لفظ المفرد، فإبل جمع لا واحد له من لفظه، فهي جمع بعير.
قوله:{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} الباء هنا للسببية، و "ما" يجوز أن تكون مصدرية ويجوز أن تكون موصولة، فإن جعلت موصولة صار التقدير: بالذي فضل الله بعضهم على بعض، وحينئذٍ نحتاج إلى عائد يعود إلى الموصول، فيكون العائد محذوفًا تقديره: بما فضل الله به بعضهم على بعض.
وحذف العائد مشهور في اللغة إذا اتفق الحرفان لفظًا ومعنى، ومنه قوله تعالى:{يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ}[المؤمنون: ٣٣] أي: منه، وإن كانت مصدرية لم تحتج إلى عائد، ويكون تقدير الكلام بتفضيل الله بعضهم على بعض.