للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: الظاهر نعم، وقد يقال: إن اللعنة عقوبة عظيمة لا تكون إلا على فعل عظيم، وقد يقال: إن الحكم المعلق على فعل إن وجد الفعل كاملًا فالحكم كامل، وإن وجد بعضه فله بعض الحكم، وينبني على ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت" (١) فقد نقول: إن من طعن في النسب أو ناح على الميت فعليه جزء من اللعنة؛ لأن معه جزءًا من الكفر فيحتمل أن يقال: إن اللعنة تتبعض كما أن الكفر يتبعض، ويحتمل أن يقال: إن اللعنة إنما هي على الكفر الأكبر، ولكنا إذا رجعنا إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله من لعن والديه" (٢) ولعن الوالدين لا يخرج من الملة، تبين لنا أن من عمل عملًا أطلق عليه الكفر فإنه يناله من اللعنة مقدار ما حصل منه من هذا الوصف.

١٨ - إثبات الأسباب، لقوله: {بِكُفْرِهِمْ}.

١٩ - الرد على الجبرية والقدرية، وكلتاهما فئتان ضالتان بالقضاء والقدر، فالجبرية يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، والقدرية يقولون: الإنسان مستقل بعمله وليس لله فيه تدبير، والآية ترد عليهم جميعًا.

أما على الجهمية الذين هم الجبرية، فلقوله: {بِكُفْرِهِمْ} فأضاف العمل إليهم، وهم يقولون: لا يضاف العمل إلى العامل


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، حديث رقم (٦٧) عن أبي هريرة.
(٢) هذا اللفظ لمسلم، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله ولعن فاعله، حديث رقم (١٩٧٨) عن علي بن أبي طالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>