للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: هذا خبر عن غيب، والأخبار عن الغيب لا يجوز أن نتعدى فيها أكثر مما أخبرنا به، فنقول: إذا نضجت الجلود بدلوا جلودًا غيرها، أما هل تأخذ زمنًا كثيرًا قبل أن تنضج؟ فهذا ليس إلينا، فربما تأخذ زمنًا كثيرًا وربما تأخذ زمنًا قليلًا، لكن القاعدة في أمور الغيبيات أن نقتصر على ما ورد كمية وكيفية وزمنًا وقدرًا ولا نتعدى في شيء منه.

٥ - أن الإحساس إنما يكون في الظاهر، لقوله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} فهي التي يقع عليها العذاب والعياذ بالله، هذا هو الظاهر.

وربما يقول قائل: إن العذاب قد يكون حتى على الداخل، لكن لما كانت الجلود هي التي تباشر النار - أعاذنا الله منها - ذكر حالها، ويستشهد لذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في أبي طالب: "أنه في ضحضاح من نار، وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه" (١) وغليان الدماغ لا شك أنه من شدة الحرارة، فهذا يدل على أن كل البدن والعياذ بالله تناله هذه الحرارة، لكن ذكر الجلود لأنها المباشرة حيث أنها هي الظاهرة.

ويقول الأطباء - ولا أدري هل هو مؤكد؟ - أن داخل الجلد لا يتألم، وأن الألم للجلد فقط، والله جعل الجلد يتألم من أجل أن يحس الإنسان بما يصيبه، وكلما تأمل الإنسان حكمة الله رأى العجب العجاب.


(١) رواه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب قصة أبي طالب، حديث رقم (٣٦٧٢)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، حديث رقم (٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>