للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"ما" في قوله: {مِمَّا قَلَّ} وقوله: {مَفْرُوضًا} صفة لـ {نَصِيبٌ} وهو أولى، ويجوز أن تكون حالًا أخرى، وهو مرجوح.

يقول الله عزّ وجل: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} "نصيب": أي: حظ، ولم يبينه هنا، لكن بينه في آيات تأتي، والإجمال ثم التفصيل من البلاغة التامة؛ لأن الشيء إذا أجمل بقيت النفوس تتطلع إلى تفصيله، فيأتي التفصيل والنفوس متطلعة إليه، بخلاف ما لو جاء الشيء مفصلًا مباشرة، فإنه قد يرد على نفس ليست متشوقة إليه، فلا يرسخ في الذهن، ولا يصير له قوة في القبول.

وقوله: {الْوَالِدَانِ} أي: الأم والأب، أما الأم فظاهر أنها والدة، كما قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣]، وأما الأب فكذلك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم" (١)، والولد لا بد له من والد، وكذلك جاء في الحديث: "لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهبه، إلا الوالد فيما وهبه لابنه" (٢)، فالوالد إذًا يطلق على الأم والأب.

وقوله: {وَالْأَقْرَبُونَ} ولم يقل: والأقارب، والأقرب: اسم تفضيل؛ وذلك لأن الميراث لا يتناول جميع الأقارب، بل الأقرب فالأقرب، ويدل لذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" (٣)، وهناك خمسة من الورثة لا


(١) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء أن الوالد يأخذ مال ولده (١٣٥٨)؛ ورواه ابن ماجه، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده (٢٢٩٠)؛ ورواه الإمام أحمد في مسنده (٦٦٤٠).
(٢) انظر: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي، كتاب الهبة (٤/ ٣١) وهو حديث مرسل.
(٣) رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، حديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>