للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعرابيًا جاء إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام وأنشد:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... ........................

إلى آخر البيتين، فلما نام رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال له: إن الله قد غفر لك. وهذه قصة مكذوبة (١)، والآية تدل على بطلان هذا القول؛ لأن الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا} و {إِذْ} للماضي، ولو قال: إذا ظلموا ربما يكون فيها شبهة، على أنه لو قال: إذا ظلموا لم يكن فيها دليل؛ لأن قوله: {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} يمنع أن يكون ذلك بعد موته قطعًا، إذ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يستغفر لهم بعد موته.

وقال بعضهم: إذا كان الله يرد إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - روحه ليرد السلام، وكذلك أن الأنبياء ليسوا بموتى في قبورهم فلذلك ندعوهم سواء في حياتهم أو في مماتهم.

والجواب: أن هذا من أمور الغيب، يقتصر فيها على ما ذكرنا، فنقول: إن الله يرد روح الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويرد السلام، لكن لا نتجاوز هذا، وإلا لقلنا له: كيف أصبحت اليوم؟ ! وما أشبه ذلك.

ثم الحياة البرزخية غير الحياة الدنيوية، حتى الشهداء: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] لكن حياة البرزخ غير حياة الدنيا، وإلا لقلنا: إن الصحابة رضي الله عنهم جنوا


(١) انظر: تفسير ابن كثير (٢/ ٣٤٨).
وقد ذكر هذه الحكاية النووي في المجموع (٨/ ٢١٧)؛ وفي الإيضاح ص ٤٩٨، وساقها بقوله: "ومن أحسن ما يقول: ما حكاه أصحابنا عن العتبي مستحسنين له ثم ذكرها بتمامها، وابن كثير لم يروها ولم يستحسنها بل نقلها كما نقل بعض الإسرائيليات في تفسيره، وهي حكاية باطلة، وقصة واهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>