للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم استغفروا الله واستغفر لهم الرسول، ولم يُذكر في الآية الطلب.

ومعلوم أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره، فها هو النبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابة: "إنكم إذا قلتم ذلك - أي: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض" (١)، وكذلك ذكر الله عن المؤمنين أنهم يقولون: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: ١٠]، وكذلك المسلمون يصلون على موتاهم، ويقولون: اللهم اغفر له وارحمه، وهذا محل إجماع، أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره.

ولكن هل يسأل غيره أن يدعو له؟

الجواب: هذا محل خلاف، فمن العلماء من قال: لا بأس أن يسأل الرجل الصالح أن يدعو له، واستدلوا بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يأتيه الرجل ويقول: يا رسول الله! ادع الله أن يغيثنا، فيدعو، وربما يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله له بالمغفرة، فيدعو له، وبأن الصحابة رضي الله عنهم توسلوا إلى الله تعالى في طلب السقيا بالعباس بن عبد المطلب (٢)، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من أدرك أويسًا القرني أن يطلب منه الدعاء، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: "لا تنسنا يا أخي من دعائك" (٣) ولكن كل هذه ليس فيها دليل.


(١) رواه البخاري أبواب العمل في الصلاة، باب من سمى قومًا أو سلم في الصلاة على غير مواجهة وهو لا يعلم، حديث رقم (١١٤٤)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، حديث رقم (٤٠٢) عن ابن مسعود.
(٢) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب سؤال الناس الإمام الإستسقاء إذا قحطوا (١٠١٠) عن أنس بن مالك.
(٣) رواه أبو داود، كتاب سجود القرآن، باب الدعاء، حديث رقم (١٤٩٨)؛ والإمام أحمد في المسند (١/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>