للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسكنهم، فإن الفقر - أعاذنا الله منه - يوجب الذل، وأن لا يتكلم الإنسان؛ لأنه يشعر بأنه غير مسموع، وغير مقبول، فتجده ساكنًا لا يتكلم؛ لأنه لا يُسمع له، ولكن قد يكون هذا الفقير المسكين عند الله مسموعًا، قال عليه الصلاة والسلام: "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره" (١)، والشأن كل الشأن أن تكون وجيهًا عند الله، وإذا كنت وجيهًا عند الله فستكون وجيهًا عند العباد، ولكن لا تطلب أن تكون وجيهًا عند الله؛ لتكون وجيهًا عند العباد، بل اطلب أن تكون وجيهًا عند الله؛ لتنال رضاه، وإذا رضي الله عنك أرضى عنك الناس.

وقوله: {فَارْزُقُوهُمْ} أي: أعطوهم، لأن الرزق بمعنى العطاء.

وقوله: {مِنْهُ} ولم يقل: فيه؛ لأن هؤلاء يعطون من رأس المال، ومن أصله، وأما أموال اليتامى فقال الله تعالى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء: ٥]، وقد سبق أن ذكرنا أنه قال: "فيها" ولم يقل: "منها"؛ لأنهم يرزقون بعد الإتجار بها، فيعطون من الربح، وهو - أي: ما سبق - إشارة إلى أنه ينبغي لولي اليتيم أن يتجر في ماله حتى يحصل على ما يرزقه فيه، أما هنا فقال: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} أي: من هذا المال الذي يقسم أمامهم، وهذا إحسان إليهم بالفعل.

وقوله: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} هذا إحسان إليهم بالقول؛ أي: قولًا طيبًا تطيب به نفوسهم.


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الضعفاء والخاملين، حديث رقم (٢٦٢٢) عن أبي هريرة رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>