للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} أي: امنعوها عن القتال، وذلك أن بعض الصحابة الذين كانوا في مكة، لما ظلمتهم قريش وضيقت عليهم، قالوا: لماذا يحجرون علينا ويظلموننا؟ أفلا نقاتلهم؟ فقيل لهم: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} أي: لا تقاتلوهم؛ لأن القتال في غير موضعه مهلكة، فلا تقاتلوا، بل {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} والمسلمون كانوا في مكة مضطهدين مظلومين، وليس لهم شوكة، وليس لهم دولة، فالقتال غير لائق إطلاقًا، فقيل لهم: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} أي: عن القتال، والدليل أن المراد عن القتال، قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: ٢٤]، أي: عن القتال.

قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} يعني: قوموا بالعبادات الخاصة التي ليس فيها قتال ولا جهاد.

فقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} هذه عبادة خاصة بالإنسان، لا تتعداه إلى غيره.

وقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} وهذه عبادة تتعداه إلى غيره، لكنها عبادة، فالزكاة - مثلًا - لا يراد بها مجرد الإحسان إلى الفقراء، بل أهم شيء فيها أن تتعبد لله ببذل المحبوب - وهو المال - لنيل المطلوب، ولهذا يغلط من يفهم من الزكاة أنه لا يراد بها إلا مجرد نفع المستحقين، وهذا ليس هو المقصود، بل المقصود التعبد لله ببذل ما نحب، وكلنا يحب المال، كما قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)} [الفجر: ٢٠]، وقال: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ} [العاديات: ٨]، أي: المال {لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرعد: ٦].

والصلاة هي: التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة

<<  <  ج: ص:  >  >>