للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"كيف" إذا كانت عن الحكم فليس بممنوع، وإذا كان عما يتعلق بأمور الغيب فهو ممنوع، كما قال السلف الصالح فيمن سأل عن كيفية صفات الله عزّ وجل.

٨ - التزهيد في الدنيا، لقوله: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} وصدق الله ورسوله، فإن متاع الدنيا قليل، فاسأل من عُمّر مائة سنة مثلًا، وقيل له: كم تقدر أنه مضى من عمرك؟ فسيقول لك: أنا في الوقت الذي أنا فيه كأني ولدت الآن، وكل الذي مضى قد ذهب، فهو إذًا عمر قليل، وكذلك ما يوجد من الدنيا بالنسبة للآخرة فهو قليل ليس بشيء، فإن جئت - مثلًا - إلى الثمار تجدها تأتي زمنًا وتغيب آخر، والفواكه والزروع كذلك، والأمطار كذلك، كلها قليلة، وهذا من حكمة الله عزّ وجل؛ لأن الله لو أتم لنا النعمة في هذه الدنيا من كل وجه لاغتررنا بها، وقد أشار الله إلى هذا في قوله: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الزخرف: ٣٣] يعني: على الكفر {لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)} [الزخرف: ٣٣ - ٣٥].

٩ - جواز التفضيل بين شيئين متباينين غاية التباين، لقوله: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى}؛ لأنه لا نسبة بين الدنيا والآخرة، لكن لما كانت الدنيا عاجلة والنفس مولعة بحب العاجل صار التفضيل بينهما مستحسنًا، فالآخرة خير لمن اتقى، ومثل ذلك قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} [الفرقان: ٢٤] مع أن أصحاب النار ليس عندهم خيرية إطلاقًا، لكن من أجل الترهيب منها، ومن أجل بيان أن أصحاب النار في شر حال.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>