للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحجرة صاروا في السوق، والمقصود من هذا: بيان أنهم إذا فارقوا المكان مفارقة تامة.

وقوله: {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} {بَيَّتَ} يعني: عمل ليلًا، وإنما كان عملهم ليلًا لأن الليل محل الخفاء ومحل السر، فتجدهم يظهرون عند النبي - صلى الله عليه وسلم - طاعة، لكن إذا ذهبوا إلى بيوتهم بيتوا غير الذي يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} أي: وليس كلهم.

وقوله: {غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} {غَيْرَ} هنا بمعنى المخالفة، فإذا قال: افعلوا كذا قالوا: طاعة، فإذا رجعوا إلى بيوتهم قالوا: لا طاعة، يعني: يبيتون المخالفة لما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام.

قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} الجملة هذه خبرية تفيد أمرين:

أولًا: تهديد هؤلاء الذين يبيتون غير ما يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ثانيًا: تسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن أمرهم لا يخفى على الله، فقد يعاجلهم بالعقوبة، وقد يؤخرهم.

يقول جل وعلا: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي: لا تهتم بهم، ولا تُشغل بالك بهم.

قوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} أي: لا تعتمد عليهم، واعتمد على الله، واعلم أنهم - وإن بيتوا ما يبيتون - لن يضروك، حتى إنهم بيتوا أن يبطشوا بالرسول عليه الصلاة والسلام، أو أن يردوا دعوته بادعاءات باطلة، أو ما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>