للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}، إذًا: امتنع اتباع الشيطان لأجل وجود فضل الله عزّ وجل.

وقوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ} ذكرنا أن قوله: {لَاتَّبَعْتُمُ} جواب الشرط، فأين خبر المبتدأ {وَلَوْلَا} في قوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} والجواب: الخبر محذوف، والتقدير: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} موجود، كما يقول ابن مالك:

وبعد لولا غالبًا حذف الخبر ... حتمٌ وفي نص يمين ذا استقر

وقوله: {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} {إِلَّا قَلِيلًا} هذا مستثنى يحتمل أنه من الإتباع أو من التابعين بلا شك، والمعنى لاتبعتم الشيطان في كل ما تفعلونه إلا قليلًا من أفعالكم، أو لاتبعتم الشيطان كلكم إلا قليلًا منكم.

وفي هذه الآية من البلاغة ما يسمى بالجناس، يعني: المجانسة، في قوله: "أمر" و "أمن"، {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ} ففيه جناس غير تام؛ لأن فيه اختلاف الحرف من راء إلى نون.

أما إذا قيل:

عباس عباس إذا احتدم الوغى ... والفضل فضل، والربيع ربيع

فهذا جناس تام؛ لأن عباس علم وصفة، والفضل علم وصفة، والربيع علم على رجل اسمه الربيع وصفة أحد الفصول الأربعة.

قول الله عزّ وجل: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} يعني: إذا جاء هؤلاء شيء مما يُخاف أو مما فيه الأمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>