للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)} [النحل: ١٠٦].

إذًا: فالإنسان مخير لا شك، لكننا نعلم أنه لن يفعل فعلًا أو يترك شيئًا إلا بعد مشيئة الله، إلا أن مشيئة الله لا يمكن الإطلاع عليها إلا بعد وقوع المشاء؛ لأن مشيئة الله غيب لا ندري عنها حتى يقع الشيء، فإذا وقع الشيء علمنا أن الله شاءه، أما قبل ذلك فلا نعلم، فلا يكون في ملك الله عزّ وجل ما لا يشاؤه أبدًا، بل كل ما في الكون فهو في مشيئة الله عزّ وجل.

٩ - أن الكافرين لهم بأس وقوة، لكنهم تحت قوة الله، لقوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وأنت لا تنبهر بقوة الأعداء؛ فإنهم ليسوا عند قدرة الله شيئًا، ففرعون كان يفتخر بأن الأنهار تجري من تحته، فهلك بالماء الذي هو من الأنهار، وعاد افتخروا بقوتهم وقالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: ١٥]، فأهلكوا بالريح اللطيفة السهلة، والأحزاب أعجبتهم كثرتهم، وحاصروا المدينة فأجلاهم الله تعالى بالريح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور" (١)، كذلك أيضًا الأمم الأخرى التي كانت قوية شديدة وأهلكها الله عزّ وجل، ولو شاء الله عزّ وجل لأنزل على مصانع القنابل الذرية صواعق، بل رب صاعقة واحدة تدمر كل ما صنعوا، لكن الله عزّ وجل له حكمة، قال الله تعالى:


(١) رواه البخاري، كتاب الإستسقاء، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا"، حديث رقم (٩٨٨)؛ ومسلم، كتاب صلاة الإستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور، حديث رقم (٩٠٠) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>