بالهجرة هنا: فقيل: المراد حتى يهاجروا من بلاد الكفر إلى بلاد الإِسلام، فإن كانوا في بادية وجب عليهم أن يهاجروا إلى المدينة، وإن كانوا في مكة فكذلك، وقيل المراد بالهجرة: الخروج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - للجهاد؛ لأن من خرج في الجهاد فقد هاجر؛ أي: ترك بلده إلى ميدان المعركة.
وقوله:{فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: في الطريق الموصلة إليه وهي دينه.
واعلم أن الله سبحانه أضاف السبيل إليه في عدة آيات مثل هذه الآية وأشباهها كثير، ومثل قوله تعالى:{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}[غافر: ٧]؛ أي: طريقك، وسمي سبيل الله؛ لأن الله تعالى هو الذي وضعه لعباده، وهو - أي: هذا السبيل - يوصل إلى الله، فالواضع له هو الله، وهو يوصل إلى الله عزّ وجل، وقد أضافه الله تعالى إلى المؤمنين في قوله:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥]، وإضافته إلى المؤمنين باعتبار أنهم سالكوه، فصار إضافة السبيل إما إلى الله وإما إلى المؤمنين، فأما إضافتها إلى الله فلوجهين:
الأول: أن الله هو الذي وضعه لعباده حتى يسيروا عليه.
والثاني: أنه موصل إلى الله عزّ وجل.
وأما إضافته إلى المؤمنين فباعتبار أنهم سالكوه.
ومثل ذلك أيضًا يقال في الصراط، فإن الله أضافه إلى نفسه في قوله:{صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}[الشورى: ٥٣]، وفي قوله:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}[الأنعام: ١٥٣]، وأضافه أيضًا إلى الذين أنعم الله عليهم في قوله: {صِرَاطَ