للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلمًا؛ لأنه ألقى السلام واستسلم، لكن لا تقولوا: لست مؤمنًا، يعني: لم يدخل الإيمان في قلبك.

٦ - التحذير من هؤلاء الناس الذين يتهمون المسلمين بأن عملهم رياء، فبعض الناس - والعياذ بالله! - إذا كره شخصًا وأُثني عليه عنده بأنه يعمل العمل الصالح قال: هذا مرائي، فيكون بهذا القول وارثًا للمنافقين؛ لأن المنافقين هم {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: ٧٩].

٧ - أنه لا يجوز لنا أن نتعدى الظاهر الذي يبدو من الإنسان، حتى وإن وجدت قرائن تدل على خلاف ظاهره، والدليل: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}.

وقد وقع مثال تطبيقي لهذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - وعن أبيه - وهو حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدرك رجلًا من المشركين فعلاه بالسيف، فقال الرجل لما غشيه أسامة وأدركه: لا إله إلا الله، ولكن أسامة قتله؛ يظن أنه قالها خوفًا من القتل، ولم يقلها من قلبه، فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يقول: "أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟ كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة" الله أكبر! جعل يكرر هذا حتى قال أسامة: "تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ" (١) يعني: تمنيت أن يكون هذا في حال كفري حتى أسلم فيغفر لي ما قد سلف؛ لأن من أسلم غفر الله له ما سلف في كفره مهما كان.

فأقول: إن هذا يدل على التحذير من الحكم على الناس


(١) تقدم (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>