حال كنتم، فعلى المعنى الثاني تكون "في" بمعنى "على" كما هي في قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ}[الأنعام: ١١] أي: على الأرض، ويكون المراد بقوله:{فِيمَ كُنْتُمْ} أي: على أي حال كنتم، بدليل قوله في الجواب:{قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ}، أما على القول بأن المراد في قوله:{فِيمَ كُنْتُمْ} السؤال عن المكان والموضع، فيكون الجواب في قوله:{قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} على تقدير شيء محذوف؛ أي: قالوا: بقينا في هذا؛ لأننا كنا مستضعفين في الأرض.
وعلى كل فالمعنيان يدوران على شيء واحد، وهو: أن هؤلاء بقوا في أرض تجب عليهم الهجرة منها، فتأتي الملائكة لقبض أرواحهم فيوبخون:{فِيمَ كُنْتُمْ} أي: لماذا كنتم في هذا المكان؟
وقوله:{قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} يعني: أننا نعامل معاملة الضعيف من قبل الكفار؛ أي: الذين استضعفوهم، ولكن هذا ليس بعذر، ولهذا تقول لهم الملائكة:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}؟ وهذا الإستفهام للتقرير والتوبيخ، يعني: أن أرض الله واسعة، فلماذا لا تهاجروا؟
وقوله:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا} الفاء هل هي عاطفة أو سببية؟
الجواب: إذا قلنا: سبقها الإستفهام في قوله: {أَلَمْ تَكُنْ} فهي سببية، لكن الإستفهام هو للتقرير والإثبات، وتقدير الكلام: قد كانت أرض الله واسعة، وعلى هذا التقدير تكون الفاء عاطفة والمعنى: ألم تكن أرض الله واسعة ألم تهاجروا فيها؟