للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزمر: ٤٢] وبين قوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: ١١].

والجواب عن هذا الظاهر أن يقال: نسب الله تعالى التوفي إليه لأنه بأمره، وما وقع بأمر الملك فإنه كفعله، حتى في عامة حديث الناس، ولهذا يقال: بنى عمرو بن العاص - رضي الله عنه - مدينة الفسطاط، وعمرو لم يبن، وإنما أمر.

وأما الجمع بين كونه ذكر في هذه الآية وأمثالها بصيغة الجمع، وفي آية السجدة بصورة الإفراد، فيقال: ملك الموت مفرد مضاف فيعم، ولا ينافي الجمع؛ لأن المفرد المضاف يعم فلا ينافي الجمع، وهذا وجه ضعيف، أو يقال: إن الملائكة تساعد ملك الموت، كما جاء في الحديث الصحيح: أنهم يأمرون الروح فتخرج من الجسد، حتى إذا لم يبق إلا قبضها تولى قبضها ملك الموت، فإضافة الوفاة أو التوفي إلى الملائكة بالجمع لأنهم أعوان لملك الموت، وإضافة التوفي إلى ملك الموت لأنه هو المباشر لقبض الروح.

وهنا يرد إشكال آخر ويقال: إننا نجد أنفسًا تقبض في المشرق وفي المغرب، وبينهما من المسافات ما لا يعلمه إلا الله عزّ وجل، فكيف يقال: إن ملك الموت واحد، وكيف يتصور أن واحدًا يقبض العديد من الناس في أماكن بعيدة متفرقة؟

فيقال: قد يكون المراد بملك الموت جنس الملك؛ أي: الملك الموكل بقبض الأرواح وإن كان أكثر من واحد، فيكون المراد به الجنس لا العين، وهذا وجه ضعيف، ويجاب بوجه آخر وهو: أن هذا من أمور الغيب، والواجب علينا في أمور الغيب أن

<<  <  ج: ص:  >  >>