أصحاب فروض، ولهذا قال الله تعالى فيها:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[النساء: ١٣] الآية، وهنا لم يقل: تلك حدود الله؛ لأن هذه الآية فيها تعصيب غير محدد، والآية التي بعدها كلها أصحاب فروض، والآية الثالثة في آخر السورة فيها فروض وفيها تعصيب، ولهذا قال الله تعالى فيها:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦].
مسألة: هلك هالك عن جد وأخ وأم، فنقول: للأم الثلث؛ لأنه ليس هناك فرع وارث، ولا جمع من الإخوة، وهذا مما يُضعف القول بأن الجد أخ؛ لأنه هنا ليس بأخ، ولا يحجب الأم، كما أنه لو كان عندنا جدان لم يحجبا الأم إلى السدس، وقد ذكر العلماء صورتها فيما لو وطئ رجلان امرأة بشبهة، وأتت بولد، وعرض على القافة الذين يعرفون الأنساب بالشبه، فقالوا: هذا الولد لهذين الرجلين جميعًا، فصار له أبوان، ولكل أب أب، فيكون له جدان، فلو كان له جدان لم يحجبا الأم إلى السدس، والأدلة على ضعف إلحاق الجد بالإخوة أدلة كثيرة.
وقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} أي: أن هذا الميراث الذي قسمه الله عزّ وجل إنما يكون {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا}، وفي قراءة "يُوصَى بها" بالبناء للمجهول، {أَوْ دَيْنٍ}، والوصية في الأصل هي العهد بالشيء المهم، وهي اصطلاحًا: التبرع بالمال بعد الموت، أو الأمر بالتصرف بعد الموت، فهي إما بمال وإما بتصرف، فإذا أوصى رجل إلى شخص بالنظر على أولاده الصغار، فهذه وصية بتصرف، وإذا أوصى شخص بمائة درهم لفلان، فهذا تبرع بالمال بعد الموت، وهذا هو المراد بهذه الآية، وهو التبرع بالمال بعد الموت.