للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب يشمله والأمة أو يختص به؟ نقول: في هذا تفصيل: فتارة يختص به، وتارة يعمه والأمة بمقتضى اللفظ، وتارة يعمه والأمة بمقتضى القياس والأسوة، فمن الأمثلة التي تختص به قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)} [الشرح: ١ - ٤] فالخطاب هنا للرسول عليه الصلاة والسلام ولا يشمل الأمة.

ومن الخطاب الذي يعمه والأمة بمقتضى اللفظ والسياق، قوله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: ١]، ولم يقل: إذا طلقت، فصدر الخطاب بالتوجيه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم عمم فقال: إذا طلقتم، وهذا يعمه ويعم الأمة لمقتضى اللفظ.

وهناك خطاب خاص بالرسول لكنه حكمًا يعم الأمة، مثاله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣] فهذا خطاب موجه للرسول - صلى الله عليه وسلم - خاص لكنه يعمه والأمة.

وهل يعمه والأمة بمقتضى أنه خطاب للأمة، لكنه خص به رئيس الأمة؛ لأن العادة أن الخطابات توجه إلى الرؤساء، أو أنه له وللأمة بمعنى أن الأمة تتأسى به فيكون من باب القياس؟ الجواب - والله أعلم - الأول؛ لأنه خوطب به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو زعيم الأمة، والخطابات في التوجيهات توجه إلى الزعماء.

إذًا: قوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} هذا لا شك أنه خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، لكن هل هو يختص به بمعنى أن صلاة الخوف لا تشرع على هذا الوجه إلا في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كان مع الجيش؟

<<  <  ج: ص:  >  >>