وتارة يراد بها التهديد، كما في هذه الآية:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}.
وتارة يراد بها: النصر والتأييد، وهذه تكون معلقة بوصف ومعلقة بشخص، مثال المعلمة بالوصف قوله تبارك وتعالى: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)} [الأنفال: ١٩]، وقوله:{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: ٤٦]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النحل: ١٢٨]، فهذه معية تقتضي النصر والتأييد، لكنها مقيدة بوصف.
ومعية تقتضي النصر والتأييد مقيدة بشخص، مثل قوله تعالى لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦]، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: ٤٠]، فهذه معية تقتضي النصر والتأييد والحفظ والكلاءة، لكنها مقيدة بشخص.
وهنا نسأل: هل المراد بالمعية حقيقتها أو لازمها؟
الجواب: نقول: المراد بها حقيقتها، ولكن السلف يفسرونها دائمًا باللازم، كما قالوا: إن المعية هي العلم، فهو معهم بعلمه، ولكن هذا تفسير لها ببعض مقتضياتها، فإن مقتضى المعية: العلم، والسمع، والبصر، والإحاطة، والسلطان، والقدرة، وغير ذلك، ولكنها معية حقيقية، وما فسره السلف بها فهو تفسير