للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} "ها" للتنبيه و {أَنْتُمْ} مبتدأ، و {هَؤُلَاءِ} إما منادى محذوف الأداة، والتقدير: يا هؤلاء، وعليه فيكون قوله: {جَادَلْتُمْ} هو خبر المبتدأ، وإما أن تكون {هَؤُلَاءِ} هي الخبر، وتكون الجملة {جَادَلْتُمْ} في محل نصب على الحال؛ أي: ها أنتم مجادلين عنهم في الحياة الدنيا.

والإشارة في قوله: {هَاأَنْتُمْ} إشارة إلى قوم الرجل الذي سرق درعًا واتهم به رجلًا من اليهود، كما ذكرناه في تفسير الآيات.

وقوله: {جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ} وهم قد جادلوا عن رجل واحد، لكن هذا الجدل عن الرجل الواحد هو حقيقةً جدال عن الجميع؛ لأن وصمة السرقة لرجل من القبيلة هي وصمة لجميع القبيلة، إذ يعيرون بذلك، فيقال: منكم السراق كفلان، ولهذا قال: {جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ} والمجادلة إنما كانت عن شخص واحد.

قوله: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قد يكون الجدل فيه الغلبة ولو بالباطل في الحياة الدنيا؛ لأنه قد يجادل الإنسان بالباطل ويأتي بكلام فصيح بَيِّن، يلبس به الحق بالباطل وينجح.

ولكن: {فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} و {فَمَنْ} هنا استفهام بمعنى: النفي؛ أي: لا أحد يجادل الله عنهم يوم القيامة، والإستفهام إذا جاء في موضع النفي فإنه يكون أبلغ من النفي المجرد؛ وذلك لأنه يكون نفيًا مشربًا بالتحدي، كأن القائل يقول: إذا كان هذا الأمر ممكنًا فأتني به، فمجيء الإستفهام هنا في موضع النفي يكون أشد في النفي؛ لأنه مشرب معنى التحدي،

<<  <  ج: ص:  >  >>