للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره وتاب من ذلك، فهل يتوب الله عليه؟ الجواب: نعم، إذا تمت شروط التوبة، ومن شروط التوبة أن يرد المال لصاحبه، فإذا رد المال لصاحبه فقد تاب، وعلى هذا فنقول: ظاهر الآية هنا وغيرها أيضًا من النصوص أنه متى صحت التوبة حتى في حقوق الآدمي التي لا يستطيع أن يتخلص منها فإن الله تعالى يقبل توبته.

٢ - أن الإنسان تصح توبته من الذنب ولو تكرر، ووجهه، العموم في قوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ} وهذا عام فيمن تكرر منه ذلك أو لم يتكرر، ويدل لهذا الحديث الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أن رجلًا أذنب فاستغفر الله، فقال الله عزّ وجل: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي - ثم عاد ثانية ثم ثالثة إلى أن قال الله له -: اعمل ما شئت فقد غفرت لك" (١) فهذا يدل على أن التوبة تثبت وتقع من الله عزّ وجل ولو تكرر الذنب، ولهذا قال العلماء: من شروط التوبة: أن يعزم على ألا يعود لا ألا يعود، فإذا عزم على ألا يعود فقد صحت توبته، وإذا عاد لم تبطل توبته الأولى، بل توبته الأولى صحيحة، وعليه أن يجدد توبة ثانية للذنب الثاني.

٣ - أن المعاصي ظلم للنفس؛ لقوله: {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} وهذا شيء ثابت مكرر في القرآن، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: ٥٧]، وقال: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [هود: ١٠١]، إلى غير ذلك من النصوص


(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، حديث رقم (٧٠٦٨)؛ ومسلم، كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت، حديث رقم (٢٧٥٨) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>