للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطائفة هي التي ادعت أن السارق هو اليهودي، واجتمعوا على ذلك حتى لبسوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهموا أن يضلوه.

وهنا إشكال: فإن ظاهر الآية الكريمة أنهم لم يهموا أن يضلوه، وإذا نظرنا إلى القصة وجدنا أنهم هموا، يعني: أنهم جاءوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأجمعهم، وأنكروا أن يكون صاحبهم هو السارق، ورموا اليهودي بالسرقة، فقد هموا وفعلوا؟

والجواب عن ذلك أن يقال: هموا همًا يحصل به إضلاله، ولكنهم لم يصلوا إلى مرادهم، فصح أن يكون قوله: {لَهَمَّتْ} جوابًا لقوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ}.

وقوله: {أَنْ يُضِلُّوكَ} {أن} هنا مصدرية، حذف منها حرف الجر، وتقديره: "بأن يضلوك" وحذف حرف الجر مع أَنْ وأَنَّ مطرد، وإذا حذف حرف الجر نصب المجرور، فهذه قاعدة مطردة في أَنَّ وأَنْ، كما قال ابن مالك:

وفي أَنَّ وأَنْ يطرد ... مع أمن لبس كعجبت أن يدوا

أما مع غير أَنَّ وأَنْ فهو سماعي، سمع عن العرب ولا يقاس عليه، ومن ذلك قول الشاعر:

تمرون الديار ولم تعودوا ... كلامكم إذًا عليّ حرام

الشاهد في قوله: الديار، والأصل أن يقول: تمرون بالديار ولم تعودوا، ولكن حذف الباء فنصب المجرور بنزع الخافض، لكنه غير مطرد إلا في أنْ وأنَّ.

وقوله: {أَنْ يُضِلُّوكَ} الإضلال معناه في الأصل: يقال: ضل الطريق بمعنى تاه، ولم يكن سيره على بينة، والمراد إضلال الرسول عليه الصلاة والسلام هنا الذي همَّ به هؤلاء، ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>