وزائدة للمعنى، والزيادة في الإعراب: هو أنه لو حذفت لاستقام الكلام، فلو كان في غير القرآن وقيل: وما يضرونك شيئًا لصح الكلام، وهي زائدة من حيث المعنى يعني: تزيد في المعنى؛ لأن الحروف الزائدة من أدوات التوكيد، فهي تؤكد المعنى، ولهذا نقول: إن قوله: {شيئًا} هنا نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، فإذا دخلت عليها:{مِن} كانت نصًا في العموم؛ كـ "لا" النافية للجنس.
وقوله:{وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} يعني: لا يمكن أن يضروك بأي شيء من الأشياء؛ لأن الله سبحانه قد منَّ عليك بفضله ورحمته.
وقوله:{وَأَنْزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} الكتاب هو القرآن، والحكمة في معناها وجهان:
الوجه الأول: أن المراد بذلك أسرار الشريعة؛ أي: أسرار أحكامها، فإن شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام كلها مشتملة على أسرار وحكم عظيمة.
والوجه الثاني: المراد بالحكمة: السنة، فالله أنزل عليك القرآن والسنة، والمعنيان لا يتنافيان في الواقع (١)، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه الكتاب وأنزل عليه السنة، وكذلك الكتاب والسنة كلاهما مشتمل على أحكام وحكم بالغة، قد تنالها العقول وقد لا تنالها.
وقوله:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} علم الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما لم يكن يعلم، قال الله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ}[العنكبوت: ٤٨]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
(١) ورجح الشيخ رحمه الله في الفوائد الوجه الأول. وأورد إشكالًا على الوجه الثاني ص ٧٧٥، ولعله أراد عدم تنافي المعنيين عمومًا.